وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا
فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ
الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22) سورة ( ق )
قوله تعالى : ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد
لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ،قوله تعالى : ونفخ في الصور هي النفخة الآخرة للبعث ذلك يوم
الوعيد الذي وعده الله للكفار أن يعذبهم فيه .
وقد مضى الكلام في النفخ في الصور مستوفى والحمد لله .
قوله تعالى : وجاءت كل نفس معها سائق
وشهيد اختلف في السائق والشهيد ;
فقال ابن عباس :
السائق من الملائكة والشهيد من أنفسهم الأيدي والأرجل ;
رواه . العوفي عن ابن عباس .
وقال أبو هريرة : السائق الملك والشهيد العمل .
وقال الحسن وقتادة : المعنى سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها بعملها .
وقال ابن مسلم : السائق قرينها من الشياطين سمي سائقا لأنه يتبعها وإن لم يحثها .
وقال مجاهد : السائق والشهيد ملكان .
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال وهو على المنبر : وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد
سائق : ملك يسوقها إلى أمر الله ، وشهيد : يشهد عليها بعملها .
قلت : هذا أصح فإن في حديث جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
إن ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله عز وجل له ، إن الله لا إله غيره إذا أراد خلقه قال للملك اكتب رزقه
وأثره وأجله واكتبه شقيا أو سعيدا ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله ملكا آخر فيحفظه حتى يدرك ثم
يبعث الله ملكين يكتبان حسناته وسيئاته فإذا جاءه الموت ارتفع ذلك الملكان ثم جاء ملك الموت -
عليه السلام - فيقبض روحه فإذا أدخل حفرته رد الروح في جسده ثم يرتفع ملك الموت ثم جاءه ملكا القبر
فامتحناه ثم يرتفعان فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات فأنشطا كتابا معقودا في
عنقه ثم حضرا معه واحد سائق والآخر شهيد ثم قال الله تعالى : لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك
غطاءك فبصرك اليوم حديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتركبن طبقا عن طبق قال :
حالا بعد حال ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم :
إن قدامكم أمرا عظيما فاستعينوا بالله العظيم ..خرجه أبو نعيم الحافظ من حديث [ ص: 15 ]
جعفر بن محمد بن علي عن جابر .
قال تعالى ( فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد )
قال تعالى في وصف حور العين ( وعند هم قاصرات الطرف عين)
حابسات الأعين عن أزواجهن فقصرت أبصارهن على أزواجهن لا يمددن طرفاً إلى غيرهم
والعين- النجل العيون ...
~~~
توضيح علمي
عندما أجتمعت كلمتا قاصرات وعين في آية واحدة تبادر إلى ذهني موضوع قصر النظر
وهى الحالة التي لا يرى المصاب بها إلا عن قرب وكبر حجم العدسة هو أحد الأسباب
الهامة لقصر النظر الذي في نفس الوقت يضفى لصاحبته حسنا وبهاء وقصير النظر ..
لا يستطيع رؤية الأشياء البعيدة بوضوح بدرجة تتفاوت بتفاوت شدته.
الإسراء والمعراج بالروح والجسد و البصر الخارق( بصر حديد)
قال تعالى لنبيه الكريم ( فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد) كل إنسان يوجد
على بصره غطاء يمنعه من رؤية أشياء كثيرة ..وبعد الموت يصبح بصر الإنسان قويا
بعد أن يزاح هذا الغطاء عن العين عندها سيرى كل شيء الجن والملائكة وغير ذلك
والرسول صلى الله عليه وسلم كان لديه بصر حديد وكما ورد في الآية
فإن الله أزاح عنه هذا الغطاء ليرى كل شيء (فبصرك اليوم حديد) فكان يرى الملائكة
وكان يستطيع رؤية المصلين من وراءه:
(أقيموا الركوع والسجود فوالله أنى لأراكم من بعد ظهري إذا ركعتم وإذا سجدتم)
رواه البخاري ومسلم
وكان يرى بالليل بوضوح كما يرى بالنهار في الضوء
وكأن بصر الرسول صلى الله عليه وسلم هو نفسه بصر أي شخص منا بعد الممات
أي بصر حديد قوى ونافذ ...وهو ليس بصر الجسد الحي الضعيف
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الروح إذا قبض تبعه البصر) أفهم أن الروح مفصولة
عن البصر ويتبعها البصر أين ما ذهبت... وكأنه جهاز مستقل بذاته
والبصر هنا هو البصر الخارق (حديد) مكشوف عنه الغطاء ...
~~~
لا اعتقد أن عين الميت هما الناظرتان للروح فتتبعانها ...
لانهما أصبحتا غير مبصرتين لكي تتبعان الروح ، و لأنه قد ماتت
الخلايا العصبية التي تستقبل الصورة وترسلها إلى المخ البصر
العادي لدى الإنسان لا يرى الملائكة والجن
( وهو نفس البصر الحديد لكن مغطى عليه بالغطاء)
وعندما يزاح هذا الغطاء عند الموت سيرى الميت كل شيء حتى أنه يرى
روحه وهي تطلع وأحياناً يزاح هذا الغطاء قبل ألموت بدقائق أو ساعات ...
لذلك نسمع من البعض الذين هم على فراش الموت أنهم يرون الملائكة
أو أنهم يرون الجنة إن كانوا صالحين ..!
قال تعالى (ما زاغ البصر وما طغى) والمقصود هنا بالبصر
هو البصر الخارق الذي أستطاع به الرسول صلى الله عليه وسلم رؤية الملائكة وعجائب
الأمور في الإسراء والمعراج إذاً الإنسان يحتوى على جسد وروح وبصر مغطى عليه
وعندما يموت يتبقى لديه روح وبصر حديد يتبع الروح .
والرسول صلى الله عليه وسلم بشر يملك جسد وروح وبصر
لكن غير مغطى عليه ( بصره حديد في الدنيا ) والرسول صلى عليه وسلم
إن كان أسري به بالروح فقط كما يقول البعض ...فمعنى هذا انه لم يرى شيء
لان الروح لا ترى..
و هذا إثبات انه صلى الله عليه وسلم لم يسرى به بالروح فقط ولكن أُسرى به بالروح
والجسد والبصر المكشوف عنه الغطاء (بصر حديد) أستطاع به
أن يرى الملائكة وأستمرت قوه أبصاره كذلك وهو في الأرض ... وكان كذلك قبلها ،
المعروف أن البصر العادي الذي نرى من خلاله ...
هو الذي يتكون من العينين*وعصبين بصريين*
وامتدادات إلى خلف المخ وهناك بصر يتبع الروح
مفصول عنها وهو البصر الحديد ...
(لا ندرى مما يتكون لأنه إلى الآن غير مرئ)
وعند الموت وأحيانا قبله ينتهي عمل البصر العادي الذي نرى من خلاله
ينتهي تماما ...وعند موت البصر العادي ينشط البصر الحديد المكشوف عنه
الغطاء وأول ما يقوم به هذا البصر الحديد هو تتبع الروح ...
قال تعالى (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
لاحظوا أن البصر الحديد ينشط بعد موت صاحبه..
أي أن البصر الحديد موجود لدى كل شخص منا منذ أن يولد
لكنه يعتبر نائم ولا يستيقظ إلى عند خروج الروح إلى بارئها
~~~
والسؤال هنا
هل يستيقظ البصر الحديد ونحن أحياء ؟
الجواب :
أن البصر الحديد يستيقظ "ينشط" ألاف المرات خلال حياتنا
بل كلنا قد رأينا من خلال هذا البصر تقريبا كل ليلة رأينا الكثير من الأشياء من
خلال هذا البصر وكلما زاد صلاح المرء وورعه وزهده في الدنيا زادت في المقابل
قوة إبصاره من خلال البصر الحديد وعليه نستطيع أن نقول أن أقوى بصر حديد
لإنسان بعد الأنبياء هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه
فهل عرفتم متى يستيقظ "ينشط" هذا البصر الحديد ؟
إنه يستيقظ عندما ننام !!!
~~~
ولأبسط المسألة نقول :
إن كنت رأيت في أحلامك الرسول صلى الله عليه وسلم
أو أحد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام او الصحابة ...
أو رأيت ملائكة ...أو شياطين ... أو رأيت الجنة أو النار
أو يوم القيامة ... أو رأيت شخص تعرفه ..
توفي منذ زمن .. أو أو أو أو ...
فعندها تكون قد استخدمت بصرك الحديد ،
لا حظوا قول ذلك الصحابي للرسول أنه في منامه رأى أن رأسه
يتدحرج أمامه وهو ينظر إليه لو ركزنا فيما سبق سنجد أن البصر
العادي يستيقظ "ينشط" عندما نكون أحياء ويموت "ينتهي"
عندما نموت ..!!
أما البصر الحديد ينام عندما نكون مستيقظين ويستيقظ عندما ننام
كما أنه يستيقظ اليقظة الأخيرة منذ تطلع الروح أو قبلها بفترة
بسيطة وهي اليقظة التي لا يغفو بعدها أبدا ...
اللهم أجعل أبصارنا تنعم برؤيتك وجهك الكريم ،
قال تعالى: ( وما كان لبشر أن يكلمه الله
إلا وحي أو من وراء حجاب)
أي إن الله سبحانه وتعالى لم يكلم أحد من الأنبياء إذا استثنينا موسى عليه السلام
إلا بطريقتين:
أما عن طريق جبريل عليه السلام أو من وراء حجاب
فما هو هذا الحجاب ؟؟
إنه البصر الحديد الذي ينشط عند النوم
ومن هنا نعلم سبب قول الرسول أن رؤيا الأنبياء حق فبصرهم الحديد
الذي زادت حدته جداً باعتبارهم أنبياء وصفوة الخلق
حتى رأوا الله سبحانه وتعالى - حتى إن لم يروه جهاراً- فيكفي
أنهم رأوه وكلمهم لنعلم مدى قوة بصرهم الحديد وهذا يعيدنا
للقاعدة المذكورة في الأعلى وهي ،،أنه كلما زاد صلاح
المرء وورعه وزهده في الدنيا ،زادت في المقابل قوة إبصاره
من خلال البصر الحديد ،نعود للمعجزة
التي كانت في بصر الرسول صلى الله عليه وسلم ...
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى ببصر مثل أبصارنا بل إنه
حتى قبل النبوة كان يرى ببصره الحديد والدليل هو رؤيته لجبريل
عليه السلام أول مرة في غار حراء والأمر الذي لا أعتقد أن البشر مهما
وصلوا في العلم قادرون على تفسيره هو قوله صلى الله عليه وسلم :
( أقيموا صفوفكم وتراصوا فأني أراكم من وراء ظهري)
وفى حديث آخر (أنى لأراكم من ورائي كما أراكم) فمن يستطيع تفسير هذا الأمر ؟
أقرب تفسير لهذاالأمر هو :
أن بصر الرسول الحديد كان يقع في قلبه ...
والدليل قول أنس "أن الرسول كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه"
وربما تكون هذه ميزه للرسول وإكراماً له من رب العالمين ، بأن يجعل نبيه يقظاً
متنبهاً في نومه وفي استيقاظه ...